استلقيت على السرير بعد يوم شاق...
تنفست الصعداء و سمح لي عقلي مشكورا ان اغفو بسرعة بلا تفكير ...
ها انا اجدف بهدوء مستمتع بشمس الفجر, فى ما يشبه قناة مائية او معدية ... المح يافطة خشبية عتيقة صغيرة كتب عليها " ارض الأحلام – 400 ذراع ".
- من يزال يستخدم الذراع كوحدة طول ؟؟
وصلت الى الجانب الأخر فوجدت شاب يبدو من هزالته و نعومة وجهه انة لم يتعدى العشرين من عمرة ... فتح صندوق نحاسي ضخم واخرج منة قطعة كبيرة من اللحم المشوي, تبدو كفخذة غنم او ما شابه ...
- شكرا يا صديقي, بالفعل انا جائع, لقد نمت بدون عشاء الليلة.
لم يستجيب و كأنة حتى لم يسمع, ثم وضع على ظهري حقيبة كتانية تقلية واشار بأصبعه من دون ان ينظر الى ورائه ... فرأيت نفق مشاه حجري ضيق...
دخلت النفق غير مباليا الى اين يوصل, فقد كان كان كامل تركيزي مع اللحم الشهي اتمسك بالعضمه قوة واقضم اجزاء بالكاد تتسع فى فمي من اللحم ,به نكهة تدخين الشواء على الحطب, طري و قليل الدهون ... هل لحم غنم و مواشي ؟
وصلت الى اخر النفق و اذا بالليل قد حل, وجدت نفسي على ساحل طويل مزدحم بالسفن الحربية التاريخية الجديدة, انظر ورائي فلا اجد النفق, بل سلسلة من الجبال الصخرية الشاهقة ... احول استذكار خرائط الجغرافية لمعرفة اين انا ... تذكرت الثقل على ظهري, فوضعت الحقيبة ارضا لأفتشها ...
ملابس مصفحة بصفائح معدنية واقية ... الخوذة ذات العرف الأسود ...
الدرع الدائري الغليظ الثقيل ... ذالك السيف القصير العريض ...
انة الزي الحربي الأسبطرى ! انا فى خليج اليونان ! انهم يستعدون للحرب !
حملت حقيبتي وركضت مسرع نحو السفن, لا اريد ان تفوتني هذه الملحمة !
رأيت جنود يرتدون الدروع فى عجلة, وقائد يصرخ من اعلى السفينة ليستعجلهم...
بدلت ملابسي وهرعت الى السفينة ... قطع الربان حبال المرسى وبدأت السفينة في الأبحار...
يجلس الجنود في صمت ممل
- بئسا ... اريد ان اعرف الي اين نذهب و لماذا نحارب ... لا اريد ان اسأل.
يبدو من سكينة الكتيبة ان مقصدنا بعيد, لأستكشف السفينة...
نزلت الطابق السفلي فوجدت غرفة مقفلة بباب محكم الأغلاق
- ما هذا الذي فى جيبي ؟
وضعت المفتاح الذي وجدته ففتح الباب.
غرفة بجدران حنطية, من النظرة الأولي بدت نظيفة لكن مزدحمة, سلاسل برونزية متدلية من السقف, صناديق مزخرفة مثيرة للفضول, كتاب ارجواني داكن, غلافة السميك و الرموز المنقوشة علية يقولان انة سفر من اسفار السحر و الطلاسم.... اخذت بضع خطوات بحذر, و فى الخطوة الثالثة دهست على ما بدى ورقة, اخذتها ونفخت نفس قوي محاولا ازالة طبقة الغبار التي في الأغلب لازمت الصورة لسنين... انها صورتي ! مشققة و معدمة ...
- انا لا احب هذه الصورة على اي حال ... لكن لماذا هي هنا ؟
اذهلتني عشوائية الغرفة فنسيت النظر الى من بداخلها .... طفلة تلعب مندمجة بأميرات خشبية صغيرة ... و هناك امرائه فى منتصف العمر, تمنحك سكينة عيناها شعور دافئ بالطيبة و الحنان, ذهبت الى الطفلة و بدأت فى تمشيط شعرها برفق, تشاكس و تداعب الطفلة, صوت ضحكتها البريئة يشعرني بالسرور...
وتلك الشابة الجالسة فى الركن, صوت انفاسها العميقة يقول انها تستريح من عمل مجهد ... ندباتها, ملابسها الحديدية, يداها الملطخة بالدماء, و تريقة تنظيفها و تحميتها لسيفها يؤكدون انها خبيرة فى الحروب و كانت تحارب فى معركة قريبا, لابد انها شريكتي فى الكتيبة ... كم هو قوي بريق عيناها...
- ايجدر بي الرحيل ؟ هل هذه الغرفة مخصصة للسيدات ؟ هم لم يلاحظوا وجودي على اي حال ...
لحظة ... ما هذه الرائحة ؟ انها مألوفة بشكل غريب ... اه ... كم احبها و كم تؤلم ... تشبه عطر .... ان ... انني بداخلها ! ... بداخل اغلى من تركتني .... الطفلة البريئة و المحاربة القوية و الأم الحنون ...ماذا اتى بها الى هنا ؟؟ احملتها معي حتى الى الحرب ؟
- الم اطلب منك مرارا و تكرارا ان تنسى ؟!
- القلب: حاولت لكن....
كم تمنيت البيات هنا بالداخل ... حتى لو لليلة واحدة ... يجب ان اغادر بسرعة لقد اسيت كثيرا من هذا المكان.... على الأقل وجد صورة لي بالداخل ... ان جرحت مجددا الان ... لن يعطني احد قماش لأضمد قلبي, فى الأغلب سيرموني من السفينة ....
اقفلت الباب باحكام و صعدت الى سطح السفينة, وجدت مجموعة من الجنود جالسون في صمت وانتباه امام رجل ذو لحية بيضاء طويلة ولباس قطني سميك, يبدو انة من فلاسفة الإغريق ... اقتربت لأسمع ما يقول .... عيناه بيضاء, انة كفيف ... انة هوميروس (1) !
- " مقدورك أن تمضي أبدا فـي بحر الحب بغيـر قلوع
وتكـون حـياتك طـول العمر كتاب دمـوع
مقدورك أن تبقى مسجـوناً بيــن المـاء وبيـن النار
فبرغم جميع حرائقه .. وبرغم جميع سوابقه
وبرغـم الحزن الساكن فينا ليل نهار
وبرغم الـريح وبـرغم الـجو المـاطر والأعصار
الحـب سيبقى يا ولــدي أحلى الأقـدار "
ما هذا الهذيان ؟ لماذا ينشد هوميروس لنزار قباني ؟ ماذا حدث الالياذة والاوديسة ؟ اين اشعار المعارك الملحمية ؟
فجأة سمعت اصوات طبول عالية وصراخ من ورائي بلغة لم افهمها فالتفت لأفهم ما يحدث فرأيت رمح طويل وصل اقصى ارتفاع له و بدء الهبوط فى مشهد بدا بالحركة البطيئة واكتشفت فى اللحظة الأخيرة انة سيصيبني ف..... انتفضت فزعا من على سريري ممسكا كتفي الذى اصابة الرمح .... تنهدت بحسرة لأنة كان حلم .... و عاودت النوم مكملا قصيدة هوميروس.....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هوميروس: شاعر اغريقي لقب بشاعر الخلود واشتهر ب" الالياذة والاوديسة " اشعار ملحمية عن حرب طروادة و الخراب و الدمار بعدها.
ها انا اجدف بهدوء مستمتع بشمس الفجر, فى ما يشبه قناة مائية او معدية ... المح يافطة خشبية عتيقة صغيرة كتب عليها " ارض الأحلام – 400 ذراع ".
- من يزال يستخدم الذراع كوحدة طول ؟؟
وصلت الى الجانب الأخر فوجدت شاب يبدو من هزالته و نعومة وجهه انة لم يتعدى العشرين من عمرة ... فتح صندوق نحاسي ضخم واخرج منة قطعة كبيرة من اللحم المشوي, تبدو كفخذة غنم او ما شابه ...
- شكرا يا صديقي, بالفعل انا جائع, لقد نمت بدون عشاء الليلة.
لم يستجيب و كأنة حتى لم يسمع, ثم وضع على ظهري حقيبة كتانية تقلية واشار بأصبعه من دون ان ينظر الى ورائه ... فرأيت نفق مشاه حجري ضيق...
دخلت النفق غير مباليا الى اين يوصل, فقد كان كان كامل تركيزي مع اللحم الشهي اتمسك بالعضمه قوة واقضم اجزاء بالكاد تتسع فى فمي من اللحم ,به نكهة تدخين الشواء على الحطب, طري و قليل الدهون ... هل لحم غنم و مواشي ؟
وصلت الى اخر النفق و اذا بالليل قد حل, وجدت نفسي على ساحل طويل مزدحم بالسفن الحربية التاريخية الجديدة, انظر ورائي فلا اجد النفق, بل سلسلة من الجبال الصخرية الشاهقة ... احول استذكار خرائط الجغرافية لمعرفة اين انا ... تذكرت الثقل على ظهري, فوضعت الحقيبة ارضا لأفتشها ...
ملابس مصفحة بصفائح معدنية واقية ... الخوذة ذات العرف الأسود ...
الدرع الدائري الغليظ الثقيل ... ذالك السيف القصير العريض ...
انة الزي الحربي الأسبطرى ! انا فى خليج اليونان ! انهم يستعدون للحرب !
حملت حقيبتي وركضت مسرع نحو السفن, لا اريد ان تفوتني هذه الملحمة !
رأيت جنود يرتدون الدروع فى عجلة, وقائد يصرخ من اعلى السفينة ليستعجلهم...
بدلت ملابسي وهرعت الى السفينة ... قطع الربان حبال المرسى وبدأت السفينة في الأبحار...
يجلس الجنود في صمت ممل
- بئسا ... اريد ان اعرف الي اين نذهب و لماذا نحارب ... لا اريد ان اسأل.
يبدو من سكينة الكتيبة ان مقصدنا بعيد, لأستكشف السفينة...
نزلت الطابق السفلي فوجدت غرفة مقفلة بباب محكم الأغلاق
- ما هذا الذي فى جيبي ؟
وضعت المفتاح الذي وجدته ففتح الباب.
غرفة بجدران حنطية, من النظرة الأولي بدت نظيفة لكن مزدحمة, سلاسل برونزية متدلية من السقف, صناديق مزخرفة مثيرة للفضول, كتاب ارجواني داكن, غلافة السميك و الرموز المنقوشة علية يقولان انة سفر من اسفار السحر و الطلاسم.... اخذت بضع خطوات بحذر, و فى الخطوة الثالثة دهست على ما بدى ورقة, اخذتها ونفخت نفس قوي محاولا ازالة طبقة الغبار التي في الأغلب لازمت الصورة لسنين... انها صورتي ! مشققة و معدمة ...
- انا لا احب هذه الصورة على اي حال ... لكن لماذا هي هنا ؟
اذهلتني عشوائية الغرفة فنسيت النظر الى من بداخلها .... طفلة تلعب مندمجة بأميرات خشبية صغيرة ... و هناك امرائه فى منتصف العمر, تمنحك سكينة عيناها شعور دافئ بالطيبة و الحنان, ذهبت الى الطفلة و بدأت فى تمشيط شعرها برفق, تشاكس و تداعب الطفلة, صوت ضحكتها البريئة يشعرني بالسرور...
وتلك الشابة الجالسة فى الركن, صوت انفاسها العميقة يقول انها تستريح من عمل مجهد ... ندباتها, ملابسها الحديدية, يداها الملطخة بالدماء, و تريقة تنظيفها و تحميتها لسيفها يؤكدون انها خبيرة فى الحروب و كانت تحارب فى معركة قريبا, لابد انها شريكتي فى الكتيبة ... كم هو قوي بريق عيناها...
- ايجدر بي الرحيل ؟ هل هذه الغرفة مخصصة للسيدات ؟ هم لم يلاحظوا وجودي على اي حال ...
لحظة ... ما هذه الرائحة ؟ انها مألوفة بشكل غريب ... اه ... كم احبها و كم تؤلم ... تشبه عطر .... ان ... انني بداخلها ! ... بداخل اغلى من تركتني .... الطفلة البريئة و المحاربة القوية و الأم الحنون ...ماذا اتى بها الى هنا ؟؟ احملتها معي حتى الى الحرب ؟
- الم اطلب منك مرارا و تكرارا ان تنسى ؟!
- القلب: حاولت لكن....
كم تمنيت البيات هنا بالداخل ... حتى لو لليلة واحدة ... يجب ان اغادر بسرعة لقد اسيت كثيرا من هذا المكان.... على الأقل وجد صورة لي بالداخل ... ان جرحت مجددا الان ... لن يعطني احد قماش لأضمد قلبي, فى الأغلب سيرموني من السفينة ....
اقفلت الباب باحكام و صعدت الى سطح السفينة, وجدت مجموعة من الجنود جالسون في صمت وانتباه امام رجل ذو لحية بيضاء طويلة ولباس قطني سميك, يبدو انة من فلاسفة الإغريق ... اقتربت لأسمع ما يقول .... عيناه بيضاء, انة كفيف ... انة هوميروس (1) !
- " مقدورك أن تمضي أبدا فـي بحر الحب بغيـر قلوع
وتكـون حـياتك طـول العمر كتاب دمـوع
مقدورك أن تبقى مسجـوناً بيــن المـاء وبيـن النار
فبرغم جميع حرائقه .. وبرغم جميع سوابقه
وبرغـم الحزن الساكن فينا ليل نهار
وبرغم الـريح وبـرغم الـجو المـاطر والأعصار
الحـب سيبقى يا ولــدي أحلى الأقـدار "
ما هذا الهذيان ؟ لماذا ينشد هوميروس لنزار قباني ؟ ماذا حدث الالياذة والاوديسة ؟ اين اشعار المعارك الملحمية ؟
فجأة سمعت اصوات طبول عالية وصراخ من ورائي بلغة لم افهمها فالتفت لأفهم ما يحدث فرأيت رمح طويل وصل اقصى ارتفاع له و بدء الهبوط فى مشهد بدا بالحركة البطيئة واكتشفت فى اللحظة الأخيرة انة سيصيبني ف..... انتفضت فزعا من على سريري ممسكا كتفي الذى اصابة الرمح .... تنهدت بحسرة لأنة كان حلم .... و عاودت النوم مكملا قصيدة هوميروس.....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هوميروس: شاعر اغريقي لقب بشاعر الخلود واشتهر ب" الالياذة والاوديسة " اشعار ملحمية عن حرب طروادة و الخراب و الدمار بعدها.