منذ سنة تقريبا, قررت ان اتوسع في
مجالات قراءتي بعد ان قضيت مدة طويلة لا اقرأ سوى كتب الفلسفة و تطوير الذات; و كان هدف هذا
القرار – الصعب – توسيع افق معرفتي و البحث عن مجالات اهتمام جديدة.
وقد بدأت بالفعل في التنفيذ على الفور واخذت اقرأ في الأدب ( روايات و قصص قصيرة ) و الشعر و التاريخ, كما حرصت على التبديل بين الكتب العربية و الإنجليزية لزيادة التنوع.
بالطبع استمتعت و استفدت بكثير من الكتب منذ ذلك الحين, و اجبرت نفسي على قرائة بعضها ايضا, لكن ما لم اكن اتخيله اني سأقرأ كتاب تراثي ديني, لأني عادة لا استمتع ولا استفيد من كتب الفقه او مقارنة الأديان. بالتالي كنت اتجنبها تماما.
كان هذا حتى اردت القرائة عن الصوفية قليلا, و نصحني احد المتطلعين على هذا المجال بكتاب " منطق الطير " كبادية.
وها انا اكتب تقييمي للكتاب بعد ان انتهيت منه.
وقد بدأت بالفعل في التنفيذ على الفور واخذت اقرأ في الأدب ( روايات و قصص قصيرة ) و الشعر و التاريخ, كما حرصت على التبديل بين الكتب العربية و الإنجليزية لزيادة التنوع.
بالطبع استمتعت و استفدت بكثير من الكتب منذ ذلك الحين, و اجبرت نفسي على قرائة بعضها ايضا, لكن ما لم اكن اتخيله اني سأقرأ كتاب تراثي ديني, لأني عادة لا استمتع ولا استفيد من كتب الفقه او مقارنة الأديان. بالتالي كنت اتجنبها تماما.
كان هذا حتى اردت القرائة عن الصوفية قليلا, و نصحني احد المتطلعين على هذا المجال بكتاب " منطق الطير " كبادية.
وها انا اكتب تقييمي للكتاب بعد ان انتهيت منه.
![]() |
| النسخة المطلع عليها |
بعد البحث قليلا, وجدت ان " منطق الطير " لفريد الدين العطار النيسابوري يعتبر من اهم اعمال التراث الفارسي عامة, كما يعتبر من اهم الأعمال الصوفية على وجه التحديد.
و لعل احد اسباب اهميته ( وجمالة ) هو الطابع الروائي, فعلى عكس معظم الأعمال الصوفية او الدينية بشكل عام التي توجه النصح والإرشاد بشكل مباشر, يأخذ هذا الكتاب اسلوب قصصي في عرض افكاره, و قبل ان اعرض القصة و اهم الأفكار المطروحة, سأبدأ بذكر بعض النقاط المتعلقة ببنية الكتاب.
اللغة المستخدمة:
بالطبع الكتاب في الأصل كتب باللغة الفارسية, ثم ترجم لعدة لغات منها العربية.
النسخة التي قرأتها هي ترجمة د.بديع على جمعة, و يبدو انها الترجمة العربية الأشهر ولا اعلم ان كان هناك ترجمات عربية اخرى.
اللغة المستخدمة في الكتاب بسيطة وسهلة القرائة على عكس طبيعة لغة كتب التراث التقليدية. كما حاول المترجم – قدر المستطاع – الحفاظ على شعرية بعض المقاطع و السطور, مما اضاف لحن موسيقي انسيابي للقرئة.
بنية الكتاب:
النسخة التي قرأتها هي ترجمة د.بديع على جمعة, و يبدو انها الترجمة العربية الأشهر ولا اعلم ان كان هناك ترجمات عربية اخرى.
اللغة المستخدمة في الكتاب بسيطة وسهلة القرائة على عكس طبيعة لغة كتب التراث التقليدية. كما حاول المترجم – قدر المستطاع – الحفاظ على شعرية بعض المقاطع و السطور, مما اضاف لحن موسيقي انسيابي للقرئة.
بنية الكتاب:
في البداية يقدم المترجم الكتاب ثم يبدأ بتعريف النيسابوري و تقديم " نبذة
" – طويلة جدا – عن حياته و اهم اعماله.
ثم يسترسل د.جمعة في شرح منظومة الكتاب و بنيته, وحين تظن ان المقدمة انتهت تظهر مقدمة ( اخرى ) يمدح فيها د.جمعة الرسول ( ص) وعدد من الصحابة.
وهنا يجب التنويه ان " المقدمة " طولية جدا حيث تأخذ حوالي 180 صفحة من اصل 465, اي اكثر من ثلث الكتاب, بالتالي اضررت لتجنب قرائة المقدمة و البدأ في القصة مباشرة, و اعتذر للدكتور جمعة على ذلك.
تلخيص القصة ( بدون " حرق " النهاية ):
ثم يسترسل د.جمعة في شرح منظومة الكتاب و بنيته, وحين تظن ان المقدمة انتهت تظهر مقدمة ( اخرى ) يمدح فيها د.جمعة الرسول ( ص) وعدد من الصحابة.
وهنا يجب التنويه ان " المقدمة " طولية جدا حيث تأخذ حوالي 180 صفحة من اصل 465, اي اكثر من ثلث الكتاب, بالتالي اضررت لتجنب قرائة المقدمة و البدأ في القصة مباشرة, و اعتذر للدكتور جمعة على ذلك.
تلخيص القصة ( بدون " حرق " النهاية ):
تبدأ القصة بإجتماع مجموعة من الطيور لمناقشة البحث عن سلطان يحكم البلاد و
العباد, فيقترح الهدهد – الذي سيصبح مرشدهم و قائدهم فيما بعد – الذهاب الي
السيمرغ (1) الذي لا يوجد سلطان بجمالة و حكمته و علمه و نوره.
السيمرغ: طائر خرافي تكرر ذكره في العديد من الأساطير الشعبية و الدينية الإيرانية.
السيمرغ: طائر خرافي تكرر ذكره في العديد من الأساطير الشعبية و الدينية الإيرانية.
ثم تبدأ جميع الطيور ( مثل البلبل, الببغاء, الطاووس و البومة ... الخ ) واحدة تلو الأخرى في تقديم أعذار لعدم الذهاب في تلك الرحلة الي السيمرغ.
فيقدم الهدهد ردا قوياً وصارماً على كل عذر من اعذار الطيور.
ومجددا في خلال الرحلة, تعود الكثير من الطيور و تقدم اعذار للعودة و عدم استكمال الرحلة, فيرجع ويرد عليها الهدهد و يقضى على اعذارها بإستخدام الرد المباشر ثم قص بعض القصص عليها, قصص بها عبرات عن موضوع العذر.
اما في الجزء الأخير يصف الهدهد الرحلة الي السيمرغ و يشبهها بقطع سبع وديان و هم: الطلب, العشق, المعرفة, الإستفناء, الزهد, التوحيد, الحيرة ثم الفقر و الغناء.
وسأترك النهاية لتجنب حرقها.
أهم الأفكار المطروحة:
1- بالطبع الكتاب في اساسه يتمحور حول الأفكار الصوفية التقليدية كحب الله و الزهد في الدنيا و البحث عن النور الأبدي. لكنة ايضا ملئ بالمواعظ الأخلاقية و الحكمة الدنياوية كطريقة تعامل الإنسان مع شهواته المادية.
فمثلا الأعذار التي يقدمها الطيور هي عن حب المال, العشق, الغرور, الطمع, الكسل... و المزيد.
وهي الشهوات التقليدية التي تمنع الإنسان من الوصول الي غاياته الأسمى.
2- من الواضح جدا إسقاط القصة على الحياة الصوفية بتمثيل الهدهد كالمرشد او الشيخ, و باقي الطيور كمريدية او اتباعه.
3- اما عن الطريق الي السيمرغ, يمثل بالطبع الطريق الي الله ... جدير بالذكر انة يمكن ان يكون طريق الي اي شئ تريده, و تعوقك فيه شهواتك و طبيعتك المادية.
و بعد التحليل و التلخيص, سأذكر – كما جرت العادة – اهم ما اعجبني و ما لم يعجبني في الكتاب.
4- ذهلت لمدى تشابه النهاية و عبرة الرواية بشكل عام بأفكار الفيلسوف باروخ سبينوزا, سيجد من قرأ اعماله في قسم الفلسفة الأخلاقية و نظرته عن الكون والله و الوجود انها تتشابه جدا ( ان لم تكن تتطابق ) مع افكار منطق الطير.
في الأغلب لو قرأ سبينوزا منطق الطير كان سيصبح من كتبه المفضلة.
ما اعجبني:
1- القصص التي يرويها الهدهد لباقي الطيور ممتعة جدا, و تكاد تفيض بالعبر و المواعظ و الحكمة.
2- يمكنك الإستمتاع بالكتاب مهما كانت ديانتك او ملتك, فليس هناك اي ديانة او ملة لا تتفق على حب الله.
ما لم يعجبني:
1- كما ذكرت سابقا, المقدمة طويلة جدا ... وكادت ان ترغمني على وضع الكتاب في قسم " الكتب التي يمكنني اعارتها " في مكتبتي.
2- وجدت صعوبة في الوصول الي الهدف او العبرة من بعض القصص المذكورة, لكن قد يكون هذا غباء من جانبي...
3- اما عن اكثر النقاط المثيرة للجدل في الكتاب, و هي التغزل في الغلمان:
في فترة معينة من التاريخ العربي ( تحديدا من عام 200-400 هجري ) كانت هناك عادة للسلاطين وشيوخ الصوفية في مرافقة " غلمان ". و في الحقيقة وجت صعوبة في الوصول الي سن هؤلاء الغلمان, هل كانوا اطفال ام شباب يطلق عليهم غلمان ؟
المهم ان في تلك الفترة كان الوقوع في حب الغلمان شئ طبيعي في المجتمع, وحتى اغلب الشعر الذي تم انتاجه في تلك الحقبة كان بصيغة المذكر.
اختلف الباحثين في نوع علاقة الشيوخ او السلاطين بالغلمان فمنهم من يرى انها كانت علاقة حب بريئة بدون اي رغبة او فعل شهواني ... ومنهم ( في الأغلب اعداء الصوفية بشكل عام ) من يرى انها كانت علاقة جنسية مثلية .
في النهاية يجب ان انوه انه كتاب مثل باقي الكتب, يجب عليك التعامل معه بمرونة فتأخذ ما يعجبك منه و تترك ما لا يعجبك.
لكنة بمجملة كتاب ممتع و دسم و انصح به الراغبين في التعرف على الثقافة الصوفية او المعجبين بتلك الثقافة بشكل عام.

