2016-06-21

تقييم كتاب " عالم صوفي "

في هذا المقال, سأقيم كتاب " عالم صوفي " للكاتبة النرويجية جوستاين غاردر.

الكتاب يهدف لتقديم تاريخ الفلسفة بشكل روائي للقضاء على عوامل الملل المعتادة من كتب المقدمة عن الفلسفة المماثلة.
تمت ترجمة الكتاب لأكثر من 60 لغة حول العالم, و يعتبر من انجح الأعمال في الأدب النرويجي.
تلخيصا, تدور احداث القصة حول فتاة في الخامسة عشر من عمرها, تدعى صوفي, تقابل استاذ في الفلسفة – بشكل ما – و يبدأ الأستاذ في شرح مفاهيم و تعاليم اهم مدارس الفلسفة للفتاة الصغيرة, بدأ من الفلسفة في العصور القديمة كلأغريقية و الرومانية, مرورا بفلاسفة العصور الوسطى, و حتي الفلسفة في الحقبة المعاصرة.
و في كل درس يأخذ المعلم صوفي في رحلة عبر الزمان و المكان وصولا الى الحقبة المعنية.

حقيقة, اكبر مشكلة واجهتني اثناء كتابة التقييم هو اني لا اعرف على اي اساس اقيم الكتاب, احلله على انه رواية ؟ فأقيم احداث القصة و عمق الشخصيات و ما الى ذلك, ام احلله على انة مقدمة عن الفلسفة ككتاب " قصة الفلسفة – ويل دورانت " مثلا ؟
وقررت اخيرا ان افعل الإثنين.

لنبدأ بتحليله كرواية, في اول فصول القصة, كانت الأحداث مثيرة الي حد ما, و تملأك الرغبة في قراءة المزيد, ثم تبدأ الأثارة بالتلاشي تدريجيا في المنتصف, لكنها تعود بقوة في اخر فصول. وعن الأحداث نفسها, و جدتها سهلة التوقع في بعض الأحيان.
اما عن الشخصيات, فلم تكن عميقة على الأطلاق, بالكاد كانت هناك اي تفاصيل عن الشخصيات المهمة ( او بالأحرى الوحيدة ) في قصة, مثل والدة صوفي, ووالدها, و المعلم, و حتى صوفي نفسها !

لذلك ان نظرنا الكتاب بوجة نظر روائية بتحه, سنجد ان اقل ما يقال انة سخيف و سطحي. لكن مجددا, الكاتبة لم يكن هدفها انتاج رواية عظيمة, لكن استخدام متعة الروايات في تقديم مقدمة مبسطة لتاريخ الفلسفة.

عن تحليل الكتاب كمقدمة للفلسفة, ففي المجمل يعتبر مقدمة جيدة لمن يرغب في دخول عالم الفلسفة, لأنة يتناول افكار و مفاهيم اهم الفلاسفة و المدارس الفلسفية عبر التاريخ, و يتم تبسيطها و تلخيصها بشكل تدريجي, و اظن ان من يقرأ عالم صوفي, سيثيره الفضول في قراءة المزيد عن بعض المدارس التي ستستهويه مفاهيمها في الكتاب.

ام عن تحليل الكتاب في المجمل, و ليس من منظور روائي او تعليمي بحت. لخصت اهم ما اعجبني و ما لم يعجبني في نقاط قصيرة على قدر الأماكن, لتفادي طول المقال.

ما اعجبني:
1- الإهتمام بالفلسفة الإغريقية, حيث اني اجدها من اهم – اذا لم تكن الأهم – الحقبات الفلسفية على مدار التاريخ.
2- ابراز اوجه التشابه و الإختلاف بين مختلف الفلاسفة و المدارس الفلسفية, مما يساعد القراء على فهم تلك المدارس بشكل اعمق.
3- مقتطفات صغيرة تعلمك " قيم الفلسفة " و كيف تصبح فيلسوف جيد.
4- اسئلة صوفي الفلسفية واردة و مشابها جدا للأسئلة التي نسئلها لنفسنا كثيرا.
5- تبسيط مصطلحات فلسفية ربما نسمعها في حوارات " المثقفين " و لا نفهمها.
6- ابراز شوفينية ( ذكورية رجعية ) بعض الفلاسفة مثل ارسطو و هيغيل.

ما لم يعجبني:

1- عدم الإهتمام بالفلسفة الرواقية, بعيدا انها مدرستي المفضلة لأسباب لا تحصى ... تعتبر الرواقية من اكثر مدارس الفلسفة المفيدة لإنسان في الحياة اليومية, تخفف عنه الحمل و تساعده في تخطي المحن و الصعوبات بجميع انواعها.
كان يجب على الأقل تخصيص فصل كامل عن الرواقية, اما ج.غاردر ... اكتفت بذكرها في حوالي اربع او خمسة اسطر !

2- عدم ذكر اي شي على الأطلاق عن مدرسة من اكبر و اهم المدارس الفلسفية في العالم, و هي الشرقية الأسيوية ... لا كونفيشوس, لا بوذا, لا لاو تزو, لا تعليق.

3- بالإضافة ان الحبكة الدرامية لم تكن عميقة, و كانت سهلة التوقع كما ذكرت, سيطرت الكثير من المشاهد التخيلية الكرتونية على الساحة في الفصول الأخيرة ... ليس لدي اي مانع في اضافة مشاهد تخيلية بل على العكس, اعجبتني الرحلات في الزمان و المكان الي الحقب المعنية ... لكنها اخذت طابع كرتوني سخيف في اخر الفصول مع ظهور ذات الرداء الأحمر و ارنب اليس في بلاد العجائب و ما الى ذالك.
لقد قرأت في مكان ما ان الكتاب كان موجه الأطفال, لكني لم استطع التأكد من المعلومة, ان كانت صحيحة, اذا لا بئس ببعض الكرتون. بغض النظر اني اظن ان الكتاب سيعتبر ممل و صعب لطفل في الثانية عشر مثلا.

اخيرا, نصيحة لمن يفكر في قراءة الكتاب ...
بالفعل الكتاب يستحق القراءة, و ستستفيد الكثير منه, سواء كنت " تحب " الفلسفة لم لا.