2015-06-12

كتاب " 48 قانونا للسلطة "

ملحوظة: النسخة التي قرأتها وبالتالي قيمتها هي النسخة الملخصة الأنجيليزية ( The concise, 48 Laws of power ) من الكتاب الأصلي, وانصح بقراءة هذه النسخة اولا لتكوين فكرة قوية عن الكاتب و الكتاب, ولكونها اصغر واكثر مباشرة و انجاز.

ما أعجبني:

فى الحقيقة اكثر ما استمتعت به خلال قراءتي هو الأمثلة و المواقف التاريخية, بالرغم من انى ابغض التاريخ لتكراريته و ملله, لكنى وجدت نفسي اختطت على معظم الأمثلة التاريخية لتدوينها فيما بعد ... واظن ان هذا يرجع لكون الكاتب روبيرت جرين حاصل على شهادة جامعية فى الدراسات الكلاسيكية, وقد اصاب فى اختيار المواقف المثالية لكل حالة لتوضيح فكرته بطريقة سهلة, ذكية, ممتعة و سهلة التذكر ... اختصارا سأذكر مثال واحد فقط.

فى اطار شرح واحد من اهم القوانين و هو " تعلم ان تقول اقل من اللازم " يحكى الكاتب ... : فى سنة 1825, حكم روسيا قيصر جديد ( نيكولاس الأول ), فأندلع تمرد ليبرالي لتحسين الأحوال فى البلاد و جعلها اكثر تحررية و تقدمية كباقي اوروبا .... و فى سبيل سحق هذا التمرد قام القيصر بالحكم على احد قائدين التمرد ( كوندراتى ريلييف ) بالإعدام فى مكان عام ... و بعد تعليق حبل المشنقة فى رقبة و اطلاقه , انقطع الحبل و سقط كوندراتى ارضا حيا يرزق, وهو ما كان يعتبر فى هذا الوقت ارادة الاهيه عن العفو, و عادتا كان يلغى حكم الإعدام و يتم اطلاق سراح المحكوم ... فقام القيادي المعارض ثم صرخ للحشد قائلا " اترون ؟ فى روسيا لا يجيدون فعل اي شئ بإتقان, ولا حتى الحبال ! " .... فى اليوم التالي ذهب جندي الى القصير ليخبره بفشل الإعدام, نيكولاس الأول كان مجبر على العفو عن المعارض فأمسك بقلمه ليوقع على ورقة العفو ثم سأل الجندي " ماذا قال هذا اللعين المحظوظ بعد هذه المعجزة ؟ " فقال الجندي " قال ان فى روسيا لا يجيدون حتى صناعة الحبال " ... فقال القيصر" اذا فى هذه الحالة, لنثبت العكس. " .... و تم اعدام كوندراتى و بالطبع لم ينقطع الحبل هذه المرة....

وهناك العديد من القصص المذهلة مثل قصة بيكاسو و تاجر اللوحات, قصة بيتر بول روبينز و فريق العمل, قصة قائد مقاطعة شبنج و هو,قصة ج.ب. مورجان وا للؤلئه و المزيد ....
وجدت الصور الجمالية مثيرة للأعجاب ايضا, مجددا, مثل الكاتب عظاته فى صور شعرية ملهمة, مثلا فى اثناء حديثة عن الاحتياج قال " الشمس, لا نقدر اشعتها الا عن غيابها .. " و عند حديثة عن عدم تصحيح الأخطاء بأخطاء اكبر قال " الجرح الصغير, تحاول اخفائه , تجرب اطباء و علاجات كثيرة, تخدش وتزيل القشرة, فتسوء و تكبر, لو كنت تركتها وشأنها, كانت ستتلاشي مع الوقت "

ما لم يعجبني:

اكثر ما ازعجني فى الكتاب بعض القوانين التي تدفع القارئ الى بارانويا صريحة, نصائح مثل " اياك ان تثق كثيرا بالأصدقاء " حتما ستسبب قلق و عدم ثقة مرضية عند المتلقي المتلقن .... انا لا اوصى بالطبع ان نثق بكل الناس ولا حتى كل الأصدقاء, ناهيك عن ان " اصدقاء " كلمة فضفاضة قد تعنى اي شخص تعرفة او المقربين فقط, ولكنى ارى رأى الكاتب يعادى مبدأ الصداقة نفسة, كيف سيكون  هناك " صداقة " بدون ثقة كاملة ؟ ... و بالتأكيد انا اعلم ان كثيرا ما يخون الأصدقاء بشكل او بأخر حتى المقربين منهم, ولكن هذا لا يعنى بالضرورة ان هذا ما سيحدث فى جميع الأحوال .... وان حدث فهو خطأ الخائن وليس نتيجة ثقتك, بالتالي اخذ مبدأ الشك فى كل الأصدقاء كقاعدة عامة امر مبالغ فية.

فى فصل اخر, ادعى الكاتب ان " الصراحة نادرا ما تقوى الصداقات " ... و انا اتفق جزئيا معه, الصراحة قد تهدم " صداقات " كثيرة, ولكن ما يصمد بالرغم من الصراحة المتناهية تلك هي الصداقات التي تدوم ... بل و أؤمن ان الصراحة اختبار ممتاز للصداقات الحقيقية, و وسيلة فعالة للإكتشاف اي علاقة مزيفه صداقة كانت او غيرها.

التقيم النهائي:

حقق الكاتب هدفه فى وضع مهوسين السلطة على الطرق الأكثر نجاحا وفاعليه للوصول اليها, حتى ان كنت غير مهتم بذالك مثلى ستقدر مقدار الحنكة و المكر و الأبداع فى هذا الكتاب ... وبالرغم من ان الكتاب مبنى على افكار تدفع للهوس السلطوى, لازال هناك الكثير من المبادئ و الأفكار الحميدة و المهمة التي يمكن استخراجها و الإستفادة منها بسهولة, فالكتاب يدفعك الى الأبداع, دراسة الأشخاص المحيطين بك جديا, عدم الخضوع للقولبة الإجتماعية, يعلمك فن الصبر و اهمية التوقيت, يقوى ذكائك الاجتماعى, وبالطبع حنكتك الدبلوماسية...

اظن ان معظم القوانين يجب استخدامها مع الأعداء فقط... مع العلم ان " الأعداء " قد لا يكونون اعداء تقليديون, قد يكون عدوك هو جانب حبيبك العنيد مثلا, واؤكد لك ان القواعد ستظل فعالة فى هذه الحالة ... اما بالنسبة للكاتب فهو ينصح ان تعتبر جميع الناس اعداء محتملين و هو الذى اراه مبالغ فيه للغاية....  

لهذا فى رأى الشخصي  48 laws of power كتاب يستحق القراءة, بل و اكثر من مرة, وانصح بالتخطيط واخذ الملاحظات فهناك الكثير من الأفكار و المعلومات القيمة التي خسارة ان تنسى ...ولكن الحذر من الوقوع فى منحدر البارانويا .... وارى ان فئة الشباب هي الفئة التي ستنال اكبر كم من الإستفادة من الكتاب بحكم قلة الخبرة والتجارب, فكبار السن المخضرمين على الأغلب سيرون هذه القواعد بديهية.