2016-07-02

تلك الهدايا التي احب

في الحقيقة لم اعد اكترث لوجوده و غيابه, ان اتى ارحب به, لكني لا اجبره على البقاء.
و ان لم يأتي, لا انتظره و لا افتقده ولا اناجيه, فان زاد اشتياقي, طال بعادة.
لا يحب الحظ ان يجبره احد على اي شئ. ولا يحب ان يفهمه احد.
بين حين و اخر, يأتي الحظ و يمكث معي قليلا, و يهديني هدية صغيرة رمزية, متعذرا عن طول غيابه.
كوني لا اكترث لحضوره من عدمه لا يمنعني من الإستمتاع بتلك الهدايا. في الحقيقة لا يمكن لأحد رفض هداياه, لأنها مهما كانت بسيطة, تظل هدايا الحظ لا تقاوم.

احيانا تأخذ الهدايا شكل الكتب, كتاب اللتقطه بالصدفة بين الرفوف المتربة, غلافة قد يكون مهترئ و صفحاته بالكاد تصمد التصفح.
لكنة يحوي بين مئات صفحاته, جملة او اثنين, فكرة او اثنين ... يغيرن منظوري الى الأبد.

احيانا تأخذ الهدية شكل النغمات, اغنية تلعب في المذياع, فتصعد بروحي الي السماء و تبقيها هناك قليلا.

احيانا اخرى, تكون الهدية  شرف رؤية امرأه جميلة ... ممم ... انها بالفعل لمن احلى الهدايا.
لقد رأيت الكثير من الجميلات في حياتي, ربما يرجع الفضل لمرونة و تقبلية ذوقي.
لكن بين هؤلاء الكثيرات, لن انسى بعضهن طالما حييت.
قد يبدو الأمر شديد السطحية, لكني اتحدث هنا عن الإستمتاع البحت بالجمال, بدون اي استنتاجات.
مثلا ان رأيت زهرة نبتت وحيدة في ارض قحلاء, ربما لن تسد رقتها جوعك, او تروي الوانها ظمأك, لن تفيدك بأي شئ ماديا. لكن هل يمنعك هذا من الإستمتاع بجمالها ؟ الن تخترق نعومة اوراقها غلاظة قلبك ؟ الن تنعش روحك المهلكة عبير رائحتها ؟
هكذا ارى انا جمال النساء, بالطبع لن اختار شريكة لي وفقا لمدى جمالها.
لكن اقدر الجمال, و لا امنع نفسي من الإستمتاع به حين اراه.
شفاه تلك, بلون الدراق و نسيجه المخمل.
و شعر تلك, الذي ينسدل متلألئ تحت ضوء الشمس, فتختلف و تمتزج الوان خصلاته, كلوحة رسمت بريشة الخالق.
وعيون تلك, ارى في صفائها سديم نجمي يأخذني لكون اخر.
و احب ان انعش روحي بتنفس الهواء المعبأ بنعومة عبير النساء الأخاذ.

وقد تأتي الهدية في طبق, طبق من الفردوس, يتلذذ فمي بكل ذرة من ملايين ذراته على حدى, فأنتشي بمذاق نكهاتة.

ربما اصبر على محن الحياة كلها, احتمل بغاضة الوجود بأكمله و اعيش عمري كله فضل تلك الهدايا البسيطة.
فيا حظي, اذهب بعيدا كما شئت, انساني و اطل البعد كما تريد ... لكن ارجوك, لا تقطع هداياك عني, ارجوك.